رؤية الشباب المستقل في مؤتمر الحوار لحل القضية الجنوبية
رؤية الشباب المستقل في مؤتمر الحوار لحل القضية الجنوبية
الاخ المشير / عبد ربه منصور هادي
رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل حفظة الله ورعاه
الاخوة رئيس واعضاء فريق القضية الجنوبية المحترمون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ إنطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني في الثامن عشر من مارس الماضي تكللت جهود فريقنا بالتوافق على جذور القضية الجنوبية ومحتواها.. ونتمنى أن نتوج عملنا هذا بالتوافق على مضامين الحل العادل لهذه القضية في إطار الوحدة اليمنية..
وفيما يلي نقدم رؤيتنا للحل وضماناته مسترشدين بالأسس التي أجمعنا عليها لصياغة هذا الحل وهي: 1 – الرؤية التوافقية للجذور والمحتوى. 2 – المصداقية والشفافية. 3 –واقعية الحل وموضوعيته، مع خارطة طريق مزمنة لتنفيذه. 4 – مراعاة أن الوحدة تمت بين دولتين. 5 – مراعاة أن القضية الجنوبية قضية سياسية في المقام الأول. 6 – الإقرار بأن الجنوب تعرض لإنتهاكاتممنهجة على كافة الأصعدة. 7 – عدم القفز على الروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية والإنسانية بين الشمال والجنوب.
مكون الشباب المستقل عنه/ ناصر احمد عباد شريف
بسم الله الرحمن الرحيم
القضية الجنوبية الحل العادل والضمانات الموثوقة رؤية مقدمة إلى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل
أولا: مبادئ الحل: تنطلق هذه الرؤية من الإقرار بالمبادئ التالية: 1 – وحدة وسلامة أراضي الجنوب كحقيقة جغرافية وتاريخية غير قابلة للتشكيك: إن وحدة وسلامة أراضي الجنوب حقيقة جغرافية وتاريخية قررها الشعب اليمني في الجنوب بواسطة ثورة 14 أكتوبر 1963 التي ألغت الاستعمار البريطاني وألغت معه الكيانات التي كانت تحت حمايته وأعلنت الجنوب دولة مستقلة ذات سيادة على كامل أراضيها ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي..
وهذه حقيقة غير قابلة للتشكيك في شرعيتها ومشروعيتها.. واليمنيون جميعا من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال معنيون بالدفاع عن هذه الحقيقة سواء بقي الجنوب موحدا مع الشمال في إطار دولة واحدة أو ذهب إلى فك الارتباط. 2 – وحدة وسلامة أراضي الشمال وشرعية ومشروعية نظامه الجمهوري: إن وحدة وسلامة أراضي الشمال حقيقة جغرافية وتاريخية غير قابلة للمساس بها..
والنظام الجمهوري حقيقة سياسية قررها الشعب اليمني في الشمال بواسطة ثورة 26 سبتمبر 1962..
واليمنيون من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب معنيون بالدفاع عن وحدة وسلامة أراضي الشمال ونظامه الجمهوري سواء بقي الشمال موحدا مع الجنوب في إطار دولة واحدة أو ذهب إلى فك الإرتباط. 3– التكافؤ والندية بين الشمال والجنوب في إعلان الوحدة وفي بناء دولتها: إن الجنوب جزء من اليمن وليس جزءا من الشمال.. مثلما أن الشمال جزء من اليمن وليس جزءا من الجنوب..
وكل منهما مكافئ للآخر في إعلان الوحدة وفي بناء دولتها . ثانيا: شكل الدولة: قامت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 على أساس الدولة البسيطة وبموجب إتفاق ثنائي بين طرفين سياسيين هما الحزب الاشتراكي اليمني ممثلا لدولة الجنوب، والمؤتمر الشعبي العام ممثلا لدولة الشمال.. وقد عبر هذا الاتفاق عن إرادة الشعب اليمني شمالا وجنوبا وقوبل بتأييد شعبي واسع النطاق.. وفي أغسطس 1993 شهدت دولة الوحدة أزمة سياسية آلت إلى صياغة وثيقة العهد والاتفاق كعقد جديد لدولة الوحدة وقعت عليه كل الأطراف السياسية في فبراير 1994..وفي 27 أبريل تم اعلان الحرب التي انتهت في 7 يوليو 1994..
وعلى مدى ثلاثة عشر عاما بعد ذلك التاريخ كان الخطاب الرسمي يؤكد بأن الوحدة راسخة وقوية ومتينة..
ومنذ العام 2007 أثبت الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية أن الوحدة غير راسخة وغير قوية وغير متينة، وأن الحرب ليس من أدوات الوحدة وإنما من أدوات الغلبة والهيمنة والإقصاء. وعلى هذا الأساس تنطلق هذه الرؤية من الإقرار بفشل وحدة 22 مايو 1990، وفشل وحدة وثيقة العهد والإتفاق، وفشل وحدة 7 يوليو 1994، وتؤكد على أن الحل العادل للقضية الجنوبية من خلال الحوار الوطني هو تأسيس جديد للوحدة وإعادة بناء دولتها على قاعدة التوافق بين الشمال والجنوب الذين يتناصفان هذا المؤتمر على نحو جمع بين التمثيل الجغرافي والسياسي والفئوي..
وهذه فرصة أخيرة أمام اليمنيين قد لا تتكرر على المدى المنظور. وفي ضوء الخبرة المتراكمة منذ 22 مايو 1990 وحتى اليوم أصبح من غير الممكن التوافق على الوحدة بين الشمال والجنوب في إطار دولة بسيطة..
كما أن فك الإرتباط ينطوي على مخاطر كثيرة أهمها: 1 – نشوء صراع شمالي – شمالي على خلفية ضياع الوحدة..وقد يؤدي هذا الصراع إلى تفكك الشمال.. وإذا لم يفككه سيفضي بالتأكيد إلى تكريس دولة قائمة على الغلبة. 2 – إن فك الإرتباط لا يضمن بقاء الجنوب موحدا.. وإذا بقي موحدا سيكون ذلك في ظل دولة غلبة. 3 – إن العلاقة بين دولتي الغلبة ستكون بالضرورة علاقة عداء متبادل ودائم وستلحق ضررا كبيرا بمصالح الشعب اليمني في الجهتين. 4 – إن فك الارتباط سيطيح بفرص التنمية الممكنة في ظل الوحدة التي يسعى اليمنيون من أجل التوافق على دولتها بواسطة الحوار الوطني. 5 – إن الحديث عن دولتين ديمقراطيتين لشعب واحد تحترمان مصالحه المتداخلة هو من قبيل الحديث عن الأوهام.. فالديمقراطية غير ممكنة على المدى المنظور إلا في ظل دولة يمنية واحدة.. والتوافق على هذه الدولة هو الممكن الوحيد المقدور عليه من خلال الحوار. إن الدولة الفدرالية هي الخيار الواقعي، وهي الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبل به الجنوب بعد كل ما حدث منذ 1994 إلى اليوم.. ان الذهاب للفدرالية سيكون ذهابا محفوفا بالمتاعب، وربما بالمخاطر، مالم يكن ذهابا مدروسا وعقلانيا يراعي خصائص البلاد وتعقيدات بنيانها المجتمعي، فضلا عن الآثار السلبية التي ترتبت على المركزية العصبوية وأهمها الحروب الداخلية وفشل اليمنيين في بناء الدولة ومظاهر غيابها في كثير من أجزاء البلاد. إن الذهاب إلى الفدرالية لم يعد من الناحية الموضوعية خيارا جنوبيا، ولا هو خيار شمالي.. إنه خيار يمني..
وهذه حقيقة لم تعد قابلة للتشكيك لأن البديل هو الفشل في كل شيء شمالا وجنوبا.. وأصعب خطوة في الذهاب إلى الفدرالية هو التقسيم الجيد للبلاد إلى اقاليم.. ونحن نقترح هنا البدء بالتقسيم الممكن في ظل المعطيات الراهنة وترحيل غير الممكن إلى أجل غير مسمى..
والزمن كفيل بإعادة التقسيم في ظل معطيات مختلفة عن معطيات اليوم. التقسيم المقترح للبلاد إلى اقليمين: من الواضح أن أي تقسيم يقوم على التداخل بين محافظات الشمال ومحافظات الجنوب سيقابل بالرفض من قبل الجنوب في ظل المعطيات الراهنة..
وعلى الشمال أن يتفهم هذا الرفض الناجم عن أوجاع حرب 1994 وأن لا يغالي في تفسير أسبابه بطريقة تحتمل الإساءة للجنوب وغير مقبولة عند قطاعات واسعة من أبناء الشمال الذين تكشفت لهم حقيقة حرب 1994 ونتائجها ولم يعودوا يلتفتون إلى مفردات من قبيل وحدوي وانفصالي..
فالانفصالي في ظروف اليمن هو المعادل الموضوعي للإقصائي، وليس للوحدوي.. والوحدة اليمنية بصيغتها المعاصرة هي صناعة جنوبية أكثر مما هي صناعة شمالية...والتداخل الجغرافي الذي سيبقي عليه هذا المقترح هو ذلك الذي أحدثه آخر تقسيم إداري بعد وحدة 22 مايو 1990..
وعلى هذا الأساس نقترح تقسيما لمحافظات الشمال وآخر لمحافظات الجنوب. أولا: تقسيم محافظات الشمال إلى إقليم: إن الممكن والواقعي والموضوعي والقابل للتنفيذ في ظل المعطيات الراهنة هو تقسيم محافظات الشمال إلى سبعة ولايات على النحو التالي: 1 – ولاية صنعاء: وتضم فقط أمانة العاصمة.. على أن تمتد حدودها إلى الأزرقين في طريق عمران، وإلى ما بعد مطار الرحبة في طريق أرحب، وإلى نهاية الحتارش في طريق مأرب، وإلى حدود متنة في طريق الحديدة، وإلى رأس نقيل يسلح في طريق تعز، وإلى ما بعد معسكر ضلاع في طريق المحويت.. وعلى أن تشمل أيضا وادي ظهر، وكذلك المنطقة الممتدة من نقطة صباحة مرورا بقاع ريعان وانتهاء بمعسكر ضلاع..وقد رأينا أن تكون مدينة صنعاء الأمانه ولاية قائمة بذاتها لسببين: أ – لمكانتها ورمزيتها التاريخية والنضالية في الذاكرة اليمنية. ب– لأنها في هذا المقترح العاصمة الصيفية للدولة الفدرالية. 2 –ولاية سبأ: عاصمتها مدينة مأرب..
وتضم محافظات صنعاء ومأرب والجوف بحدودها ومديرياتها القائمة.. بعد اقتطاع مديريات الحيمتين وحراز وصعفان من محافظة صنعاء وضمهما إلى إولأية تهامة لبعدهما عن مأرب وقربهما من الحديدة. 3 –ولاية صعدة: عاصمته مدينة صعدة..
وتضم محافظة صعدة بحدودها ومديرياتها القائمة مضافا إليها مديرية حرف سفيان في محافظة عمران. 4 –ولاية حجة: عاصمتها مدينة حجة.. وتضم محافظتي حجة وعمران بمديرياتهما وحدودهما القائمة باستثناء مديرية حرف سفيان التي ضمت إلى ولاية صعدة. 5 –ولاية تهامة: عاصمتها مدينة الحديدة.. وتضم محافظات الحديدة والمحويت وريمة بالحدود والمديريات القائمة اليوم مضافا إليه مديريات الحيمتين وحراز وصعفان من محافظة صنعاء. 6 –ولاية الجند: عاصمتها مدينة تعز.. وتضم محافظة تعز بمديرياتها وحدودها القائمة بعد آخر تقسيم إداري وكذلك محافظة إب والممتدة من مدينة القاعدة إلى رأس نقيل سمارة، زائدا مديريات العدين وبعدان والمخادر وطبقا لأخر تقسيم اداري. 7–ولاية ذمار: عاصمتها مدينة ذمار.. وتضم محافظتي ذمار والبيضاء بحدودهما ومديرياتهما القائمة بعد آخر تقسيم إداري مضافا إليها ما تبقى من مديريات محافظة إب.
ثانيا: التقسيم المقترح للمحافظات الجنوبية: نقترح أن تقسم المحافظات الجنوبية إلى أقليم على النحو التالي: 1 –ولاية عدن: وتشمل مدينة عدن.. مع مراعاة توسيع مساحتها الحالية..وقد رأينا أن تكون عدن ولاية قائمة بذاتها لرمزيتها كحاضرة كانت من غير منازع بوابة اليمن إلى العصر الحديث.. وكذلك لضمان تطورها وازدهارها كمنطقة حرة معتبرة وذات سمعة عالمية. 2 –ولاية لحج: عاصمتها مدينة الحوطة.. وتضم محافظة لحج طبقا لآخر تقسيم إداري. 3- ولاية الضالع: وعاصمتها مدينة الضالع ..
وتضم محافظة الضالع بجميع مديرياتها طبقا لأخر تقسيم اداري 4–ولاية أبين: عاصمتها مدينة زنجبار.. وتشمل جميع مديريات محافظة أبين كما هي قائمة اليوم. 5–ولاية شبوة: عاصمتها مدينة عتق..
وتشمل جميع مديريات محافظة شبوة بحدودها القائمة اليوم. 6–ولاية حضرموت: عاصمتها مدينة المكلا.. ويشمل جميع مديريات محافظة حضرموت القائمة اليوم. 7–ولاية المهرة: عاصمتها مدينةالغيظة.. وتشمل محافظة المهرة بحدودها القائمة مضافا إليها جزيرة سقطرى كمحافظة. الوضع المقترح للجزر اليمنية: نقترح أن تكون جميع الجزر اليمنية تابعة للحكومة الفدرالية باستثناء جزيرة سقطرى التابعة لولاية المهرة..وقد بنينا هذا الاقتراح للإعتبارات التالية: أ – إن اليمن هو في المقام الأول دولة بحرية أكثر مما هو دولة برية.. ومستقبل الجيش اليمني أن يكون قوامه البحري مثل قوامه البري إن لم يكن أكبر. ب –تقع الجزر في المياه الإقليمية اليمنية.. وحماية أمن هذه المياه هو من اختصاص الحكومة الفدرالية. ج – إن الجزر اليمنية في معظمها غير آهلة بالسكان ويجب أن تكون آهلة بالقوة البحرية وأن لا تترك للطامعين المتربصين بها وللقراصنة والمهربين. د – إن الولايات غير مؤهلة على المدى المنظور لتشييد بنية تحتية في الجزر. ه – إن تبعية الجزر للحكومة الفدرالية يجب أن يكون بموجب قانون يتيح فيها فرصا إستثمارية للرأسمال المحلي والأجنبي ويضمن لكل الولايات اليمنية علاقة متكافئة بهذه الجزر بما في ذلك الولايات التي ليس لها منافذ على البحر وهي ولايات سبأ وذمار وصعدة. عاصمة الدولة الفدرالية: لدينا مقترحان إثنان بعاصمة الدولة الفدرالية لإختيار أحدهما: 1 - يخصص مساحة كافية في المكلا بولأية حضرموت لتكون عاصمة للدولة الفدرالية مع بقاء مدينة صنعاء الأمانه عاصمة صيفية..وقد أسسنا هذا الإقتراح على الاعتبارات التالية: أ –لما لحضرموت من رمزية ومكانة وسمعة طيبة داخليا وخارجيا. ب– إن العاصمة الفدرالية ليست معنية مباشرة بشؤون السكان التي ستحال دستوريا إلى عواصم الولايات والمحافظات ..وهذا لا يجعل من بعدها مشكلة للمواطنين في الولايات البعيدة والنائية. د – إن المواطنين في الأقاليم سيتعاملون مع السفارات المعتمدة في اليمن من خلال خدماتها القنصلية وليس معها مباشرة. ه – إن استحداث عاصمة فدرالية ليس أمرا صعبا في الظروف الراهنة..فكل دولة ستبني سفارتها بنفسها.. والحكومة الفدرالية ستبني المنشآت الخاصة بها من مصادر تمويل داخلية أو خارجية أو هما معا.. والقطاع الخاص سيتكفل ببناء مربعات سكنية للبيع أو للإيجار، كما سيقبل على بناء المنشآت الخدمية الأخرى بمواصفات تليق بالعاصمة. 2 – أن تكون المنطقة الواقعة على الشريط الساحلي الممتد من رأس العارة إلى منطقة العلم(ولأية عدن) هي عاصمة الدولة الفدرالية. .. كمقترح ثان مبررات التقسيم المقترح: –إنه تقسيم واقعي وموضوعي وقابل للتطبيق في ظل المعطيات الراهنة التي تتسم بالاستقطاب والتحفز والشكوك المتبادلة..وقد حاولنا أن نجمع فيه بين ما يمكن جمعه، وتجنبنا الجمع بين ما يصعب جمعه في ضؤ قراءتنا لملابسات المشهد اليمني بأبعاده الصراعية سياسيا واجتماعيا وقبليا وجهويا ومذهبيا.
– إن التقسيم الذي اقترحناه هو الأكثر واقعية والأكثر مقبولية في ظل المعطيات الراهنة.. وهو إلى جانب واقعيته ومقبوليته يقوم على تجزئة مشاكل البلاد بطريقة تضمن حلها بسرعة وفي ظل أكبر قدر من المشاركة. -من الضروري ان تقوم ادارة الولايات والاقاليم باعادة التقسيم الاداري الداخلي للولايات بطرق علمية تتناسب مع خصوصيات وظروف كل ولاية لتضع الاسس السليمة لنجاح عملية التنمية المحلية الشاملة ويعرض هذا التقسيم الاداري على الحكومه الفيدراليه والبرلمان الاتحادي..... – إن مقترحنا هو مقترح إنتقالي لفترة إنتقالية معقولة تكون هي فترة بناء الدولة وحل كل القضايا الناجمة عن الماضي وصراعاته وحروبه وثاراته بما في ذلك القضايا العالقة في المحاكم منذ سنوات طويلة..إنها باختصار فترة بناء الدولة وتهيئة البلاد للإقلاع التنموي..
ضمانات الحل: من الطبيعي أن لا يقبل الجنوب بحل القضية الجنوبية في إطار الوحدة مهما كانت عدالة هذا الحل.. وحتى يكون الحل العادل مقبولا لا بد أن يعزز بضمانات حقيقية وموثوقة تتجاوز ثغرات إتفاق 22 مايو 1990وتمنع إخراج الجنوب من الشراكة الوطنية في الوحدة على نحو ما حدث عام 1994..
وعلى الشمال إن هو أراد إستمرار الوحدة أن لا يتحسس من هذه الضمانات.. أولا: الضمانات التي تهم الجنوب: الضمانات التي تهم الجنوب يجب أن تتضمنها وثيقة تسمى وثيقة إعادة تأسيس الوحدة بين دولتي اليمن الشمالي واليمن الجنوبي وهي على نوعين: قانونية ومؤسسية. 1 –الضمانات القانونية: يتكفل بها رعاة التسوية ممثلين بدول مجلس التعاون الخليجي والدول العشر والامم المتحده ومجلس الأمن الدولي..أما كيف تكون هذه الضمانات من حيث الشكل والمضمون والإجراءات فهذا مما لا نستطيع الإفتاء بشأنه في هذه الرؤية، لكنا نؤكد ونلح على ضرورة وأهمية توفرها . وللضمانات القانونية بعد داخلي يمنح أقليم وولايات الجنوب الحق في معالجة نوعين من المشاكل وهذه المشاكل هي: أ – المشكلة التي ورثها الجنوب عن اقتصاد دولة الرعاية وكانت سببا في عجز مواطنيه عن المنافسة في اقتصاد السوق بعد 22 مايو 1990..وقد أشارت إلى هذه المشكلة كثير من الأوراق التي قدمت إلى فريق القضية الجنوبية واعتبرتها واحدا من جذور هذه القضية..
وهذا يعطي ولايات واقليم الجنوب الحق في استئصال هذا الجذر بواسطة منظومة من الإجراءات أقلها إعتبار أراضي أقاليم الجنوب ملكا لمواطنيها وتمكينهم من استثمار هذه الأراضي والمضاربة بها لإحداث حراك اقتصادي في حياتهم يخرجهم من حالة الفقر والعجز عن المنافسة إلى حالة الاقتدار النسبي عليها. ب – المشاكل التي سيرثها أقليم الجنوب عن حرب 1994 ونتائجها..
وقد أشير إلى هذه المشاكل بنحو خاص في الأوراق التي قدمت حول محتوى القضية الجنوبية.. وكان يفترض أن تحل هذه المشاكل قبل الذهاب إلى الفدرالية.. لكن مؤشرات التعامل مع النقاط أل20 التي تقدمت بها اللجنة الفنية للحوار الوطني، والنقاط ال11 التي تقدم بها فريق القضية الجنوبية، توحي بأن اليمن سيذهب إلى الفدرالية وكثير من هذه المشاكل مازال عالقا من غير حل وعلى نحو خاص قضايا الأراضي ومزارع الدولة ومؤسسات القطاع العام...الخ..ومن حق أقليم الجنوب أن يحصل على ضمانات تخولها الحق في معالجة ما سيرثه من هذه المشاكل وفقا لدستور والقانون الخاص به وبما يحقق الإنصاف والعدالة لمواطنيه وبما يخلصه من مظالم حرب 1994. 2 –ضمانات مؤسسية: بما أن الوحدة قامت بين دولتين فإن الجنوب شريك وطني مع الشمال في كل مؤسسات الدولة الفدرالية بنسبة 50 % بغض النظر عن عدد السكان.. فللجنوب نصف الحكومة، ونصف البرلمان الاتحادي ، ونصف مجلس الشورى، ونصف الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، ونصف الجيش، ونصف الأمن الفدرالي...الخ.. وللشمال النصف الآخر..
ولضمان قيام مؤسسات فدرالية وطنية عن حق، وليس عن ادعاء، يجب أن توزع حصة الجنوب على جميع محافظاته طبقا مع مراعاة المعايير العادلة والمنطقية.. ويسري هذا المبدأ في التوزيع على حصة الشمال أيضا حتى لا ينشأ فيه مركز قوة يهدد الجنوب.. وهذا لفترة إنتقالية تقاس بالإنجاز الفعلي لمهامها وليس بالزمن، ويعلن عن إنتهائها بموجب تقارير موثقة وواقعية لا تحتمل التشكيك من قبل أي إقليم. ضمانات تهم الجنوب والشمال: إن الضمانات التي تهم الجنوب والشمال معا ليست شيئا آخر غير ضمانات الذهاب الآمن إلى الفدرالية وضمانات بناء الدولة القادرة على حماية وحدة وسلامة أراضي البلاد وحفظ أمنها واستقرارها..
والقاعدة في النظام الفدرالي أنه نظام آمن وناجح.. فإذا كان هذا النظام قد حافظ على وحدة شعوب غير متجانسة عرقيا وثقافيا ودينيا، فمن باب أولى أنه أقدر على فعل ذلك مع الشعوب المتجانسة من حيث العرق والثقافة والدين.. والقول بأنه يصلح في الحالة الأولى ولا يصلح في الحالة الثانية قول يجافي قواعد المنطق السليم.. لكن هناك حالات قليلة حكم فيها على النظام الفدرالي بالفشل لعدة أسباب، ليس بينها تجانس أو عدم تجانس السكان في العرق أو في الثقافة أو في الدين.. وأهم هذه الأسباب هي: 1 –إنعدم الديمقراطية، أو الخبرة الضعيفة بالديمقراطية. 2 – تاريخ قصير كبلد يشارك فيه جميع أبنائه. 3 – شعور ضعيف بهوية مشتركة. 4 – عدم التوازن الشديد بين الولايات في الدوله الاتحادية. 5 – حكومة مركزية ضعيفة. وعلى هذا الأساس نصوغ ضمانات نجاح الفدرالية في هذا المقترح على النحو التالي: 1 – الديمقراطية: إن النظام الفدرالي لا يستطيع الصمود لمجرد وجود دستور فدرالي..
والفدرالية نظام زائف ما لم تعاضده ديمقراطية حقيقية في كل مستويات الحكم.. لكن الحديث عن الديمقراطية قبل بناء الدولة هو من قبيل وضع العربة قبل الحصان..
والسؤال الجوهري هو: هل نبني الدولة بآليات الديمقراطية إبتداء، أم نبنيها على قواعد توافقية تؤسس للديمقراطية إنتهاء؟..هل يمكن الجمع بين الديمقراطية وبناء الدولة في ظروف اليمن ؟..بمعنى: نحن نعتقد أن الديمقراطية ليست انتخابات.. واختزالها في صندوق الاقتراع هو الذي دفع البلاد إلى حرب 1994..وهو الذي يفسر تعثر المسار الديمقراطي الذي جاء بحزب العدالة إلى السلطة في مصر.. وإذا كررنا الخطأ ستكون النتائج كارثية هذه المرة.. لذلك نرى أن تبنى مؤسسات الدولة على قواعد توافقية تؤسس للديمقراطية.. فصندوق الاقتراع في ظل المعطيات الراهنة لن يضمن لنا برلمانات وحكومات فعالة ومؤهلة لإدارة شئون الاقاليم..
وعلينا أن نفكر بقواعد توافقية تفضي إلى برلمانات وحكومات فعالة ومؤهلة وفي الوقت نفسه تؤسس للديمقراطية..
ومن البديهي أن تنشأ البرلمانات الأولى بالتعيين، ولكن وفق معايير نوعية متفق عليها تضمن تمثيلا مرضيا لفئتي الشباب والمرأة.. ومن البديهي أيضا أن تكون هناك أغلبية وأقلية في كل برلمان كما لو كان منتخبا.. وهناك ملحق بهذه الورقة يتضمن تفاصيل هذه الجزئية كمهام مزمنة قابلة للقياس والتنفيذ. 2 – المشاركة المجتمعية: يحتاج النظام الفدرالي إلى مشاركة سياسية نشطة من قبل جميع السكان من خلال الانتخابات والاستفتاءات والتعبير عن الرأي والحق في التنظيم...الخ..
وحيث لا يوجد هذا يكون النظام الفدرالي مهددا بالفشل. لذلك يجب التفكير بعنصر المشاركة المجتمعية الواسعة في عملية التحول إلى الفدرالية.. ويجب أن يكون هدفنا من هذه المشاركة هو أن ينتصر اليمن، لا أن ينتصر حزب أو تحالف أحزاب.. فانتصار اليمن هو انتصار لجميع أبنائه وأحزابه وجهاته، والعكس غير صحيح.. وعلى الأحزاب أن تتفهم هذا الأمر وأن تتصرف كأحزاب وطنية، لا كمراكز قوى ومصالح تتعجل النتائج التي تريدها وحصاد المكاسب التي تسعى إليها. إن جميع الأحزاب اليمنية مطالبة في هذه المرحلة بالإنتصار للديمقراطية كهدف لتصبح وسيلة بعد انتصارها.. أما إذا تعاملت مع الديمقراطية كوسيلة منذ البداية وحاولت أن تنتصر بها وليس لها فمعنى ذلك أنها تغامر بمستقبل البلاد..
والحديث عن الديمقراطية قبل الدولة الضامنة لها هو من قبيل وضع العربة قبل الحصان.. فالديمقراطية ليست أماني وإنما منظومة متكاملة من الإجراءات المؤسسية القوية والراسخة. 3 – خلق شعور عام بهوية مشتركة: المقصود بالهوية هنا هو الهوية الوطنية المعبر عنها من خلال دولة قائمة على عقد اجتماعي يجعل منها دولة لكل مواطنيها.. وإحساس اليمنيين الجماعي بهذه الهوية مشروط بانتصار مبدأ سيادة القانون الذي يسري بالتساوي على الجميع ويعزز ثقة أصحاب الهويات الفرعية بالدولة ويجعلهم يمحضونها ولاءهم كمظلة حامية لجميع الأفراد والجماعات والفئات والطوائف والجهات والتنظيمات والمنظمات والأحزاب..
وهذه قضية في غاية الأهمية يجب أن تكون حاضرة في أذهاننا بقوة ونحن نفكر في بناء دولة لكل مواطنيها.. ودولة بهذا المعنى لا تحتمل التمترس الأيديولوجي وراء أفكار ومعتقدات مهما كان لها من القداسة عند أصحابها.. فصاحب السيادة (الشعب) ليس كتيبة منضبطة يمكن أن تسير دائما وراء تيار بعينه.. والأغلبية الإنتخابية مفهوم متغير وليست مفهوما ثابتا.. وحق مخاطبة صاحب السيادة (الشعب) يجب أن تضمنه الدولة كحق لكل من يتطلع إلى السلطة عبر صندوق الاقتراع. 4 –التوازن بين الأقاليم: المقصود بالتوازن هنا هو التوازن السكاني في المقام الأول.. فإذا كان هناك إقليما واحدا يحوز بمفرده على 40 % أو 50 % من عدد السكان فإن هذا يمنحه النسبة نفسها في صنع القرار المركزي.. وهذا يجعل الأقاليم الأقل سكانا تشعر بالغبن ويدفعها إلى المطالبة بالمساواة، وهذا ما سيقاومه في الغالب الإقليم الأكثر سكانا..
ومن أجل حل هذه الإشكالية قسمنا محافظات الشمال إلى سبعة أقاليم معظمها متقارب في عدد السكان.. وفي الوقت نفسه إقترحنا المساواة بين الشمال والجنوب في مؤسسات الدولة الفدرالية خلال فترة إنتقالية لا تقاس بالزمن وإنما بإنجاز مهامها..
وفي كل الأحوال قدمنا مقترحا اربعة عشر ولاية وراعينا بقدر الإمكان عنصر التوازن فيما بينها.. وهذا سيجعل العلاقات البينحكومية قابلة للإدارة بشكل أفضل والنظام الفدرالي مستقرا بشكل جيد. قد ينبري من يعترض على مبدأ المناصفة بين الشمال والجنوب في مؤسسات الدولة على المستوى الفدرالي خلال الفترة الإنتقالية.. وحجته أن هذه المناصفة عقاب للشعب اليمني في الشمال على حرب 1994التيأشعلتها النخبة الحاكمة.. والجواب: إن هذه الحجة لا تعبر عن ضمير الشعب اليمني في الشمال، وإنما عن مصالح أصحابها المحتملين.. ثم: ما هو الذنب الذي اقترفه الشعب اليمني في الجنوب حتى يعاقب بحرب 1994 ونتائجها ولأكثر من عشرين عاما من الإقصاء والتهميش والإفقار والإذلال والإنتقاص؟ إن حرب 1994 لم يحركها فرد أو مجموعة أفراد، وإنما حركها نظام سياسي حشد لها كل إمكانيات الدولة وعبأ من أجلها أوسع قطاعات الشعب اليمني في الشمال، وسانده في هذه الحرب تحالف سياسي ومجتمعي واسع، وتورط في تأييدها عدد كبير من المثقفين والإعلاميين والأكاديميين ورجال الدين.. ومكتبة المركز الوطني للمعلومات في صنعاء تحتوي على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه جميعها برر تلك الحرب، وبعضها قدسها. صحيح أن حرب 1994 كانت بين اتجاهين في السياسة، ولم تكن بين جهتين في الجغرافيا.. وصحيح أيضا أن جنوبيين خاضوها إلى جانب الطرف المنتصر وقاسموه ثمار انتصاره.. لكن الصحيح أيضا أن شماليين خاضوها إلى جانب الطرف المهزوم وتجرعوا معه مرارة الهزيمة إلى اليوم.. وبالتالي لا يجوز التحجج بالجنوبيين الذين قاتلوا إلى جانب المنتصر.. فهؤلاء ليسوا طرفا في صناعة الحرب، وإن كانوا طرفا في خوضها وجني ثمارها. إن الشعب اليمني في الشمال لن يعترض على هذه المناصفة مادامت سترمم جراح الوحدة، وستقضي على ثقافة الكراهية، وستعزز الوحدة الوطنية، وستوفر فرص العبور الآمن إلى الدولة باعتبارها الغائب الأكبر في حياة اليمنيين.. وعلى النخب في الشمال أن تكرس هذا الوعي عند جماهيرها، لا أن تفعل العكس. 5 – حكومة مركزية قوية: إن الحكومة المركزية في النظام الفدرالي هي القاسم المشترك الأعظم بين الأقليمين والولايات ..وكل إقليم يجب أن يجد نفسه فيها..
وهذا يتطلب أن تكون الحكومة المركزية قوية وقابلة للقسمة بعدالة على جميع أقاليم البلاد.. والذهاب إلى الفدرالية لا يكون ذهابا آمنا من غير مؤسسات مركزية قوية معبرة عن وحدة البلاد وتنوعها.. وأهم هذه المؤسسات هو الجيش الذي يجب أن يعكس بدقة الوحدة الوطنية للبلاد. إن أي ذهاب إلى الفدرالية لا يأخذ بعين الاعتبار النقاط الخمس المشار إليها سيكون من قبيل التسرع والمغامرة بوحدة البلاد وأمنها واستقرارها وبحاضرها ومستقبلها.. وحينها سيقال إن السبب هو الفدرالية.. والحقيقة أن الفدرالية بريئة من أي فشل محتمل.. ملاحظات ختامية: – تعمدنا في هذه الورقة الدفاع عن أهم المقترحات والأفكار التي تضمنتها.. وهذا الدفاع هو من قبيل الرد المسبق على بعض الاعتراضات المتوقعة. – سنقدم ملحقا بهذه الرؤية يتضمن تزمينا لمضامين الحل الذي اقترحناه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.