الأخبار

ملفات ووثائق

علوم و تكنولوجيا

الإعلام الثوري الجنوبي.. المشكلة والمعالجات (بحث) بقلم/ رائد الجحافي..

الإعلا م الثوري الجنوبي....المشكلة والمعالجات.
ما هو الإعلام :
1- الإعلام وهو التبليغ أي الإيصال ..والبلاغ هو ما يصلك أو وصلك..وفي الحديث: بلغوا عني ولو آية أي أوصلوها غيركم واعلموا الآخرين. والإعلام هو التعريف بقضايا العصر مع كيفية معالجتها في ضوء النظريات والأفكار والمبادئ التي اعتمدت لدى كل نظام أو دولة.
2- يقصد بالإعلام من الناحية العلمية الأسلوب المنظم للدعاية السياسية أو ترويج الأفكار في وسط مهيأ نفسياً لاستقبال السيول الفكرية التي تقذفها المصادر التي تتحكم بالرأي العام وتمسك زمام الأمور بيد من حديد.
"أوتوجروت" الألماني يعرف الإعلام بأنه "التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في الوقت نفسه".
الإعلام أما أن يعمل على تزويد الناس بالمعلومات الصحيحة، والحقائق الواضحة، فيعتمد على التنوير والتثقيف ونشر الأخبار والمعلومات الصادقة التي تساعد الناس وتنمي ثقافتهم ومعارفهم، وتنشر تعاونهم من أجل المصلحة العامة، وحينئذ يخاطب العقول لا الغرائز أو هكذا يجب أن يكون.
 وقد يقوم على مد الناس بالأكاذيب ونشر الشائعات، بالاعتماد على الخداع وتزييف الحقائق، و ينشر الأخبار والمعلومات الكاذبة، وتخلق الأحقاد والضغائن، والصراعات، فتؤدي إلى تمزق المجتمعات وانحطاط القيم والأخلاق فيستفيد منها الأعداء، وحينئذ يتجه إلى غرائزهم لا إلى عقولهم، وهذا ما يجري في العالم الإسلامي من خلال معظم وسائله الإعلامية باستثناء البعض منها.
 إذاً فالإعلام هو من يصنع الرأي العام خدمة لقضية ما أو ضدها.. حيث أصبح الإعلام السمة المميزة للعصر، وأضحى تأثيره في حياتنا طاغيا لا يستطيع احد أن يتجنبه، فهو يعد صانع للعقول، يحركها، يغير اتجاهات الأفراد ويوجههم إلى حيث يشاء، بل يصنع الأحداث، وقد يتقدم بالأمم إلى الأمام، متى ما كان الإعلام رشيداً، وقد يخلق التخلف عندما يكون إعلام ظلامي، أو إعلام مغرض عدائي يسعى إلى وقف مسيرة الشعوب، إن الإعلام هو الذي يرسم اليوم ما يمكن أن نطلق عليها الخريطة الإدراكية الوجدانية للشعوب، فتبرز شعوب مستنيرة متكاملة الشخصية لها فعالياتها وتحقق ذاتيتها ووجودها، أو أن تخلق شعوبا تعاني من الخواء الوجداني والإدراكي أمام ضغوط توجهات إعلامية تسعى إلى تجريد الأفراد من هويتهم وانتماءاتهم وقيمهم ومعتقداتهم وثقافتهم الذاتية.
الحرب الإعلامية على الجنوب:
لقد فرض الاحتلال اليمني علينا واقع آخر يقوم على إلغاء كل ما هو جنوبي وصحافتنا الجنوبية تعرضت للإلغاء وأصبح المحتل هو ووفق أعراف وتقاليد المنتصر والمهزوم وبالعرف المتخلف يقرر معايير من هو الصحفي ومن هو الإعلامي لذلك لا مكان للجنوبيين في معايير المحتل الذي تعمد إلغاء وتهميش الصحافيين الجنوبيين وسعى جاهدا  للقضاء على الصحافة الجنوبية التي كانت هي الرائدة على مستوى العالم العربي، فمن الجنوب وتحديداً من عدن انطلقت أولى بذور الصحافة في خمسينيات القرن الماضي وإذا كانت صحيفة الأيام قد تأسست وصدر العدد الأول منها في العام ١٩٥٨م قد تعرضت وتعرض ناشريها الأستاذين الفاضلين هشام وتمام باشراحيل لأبشع حرب قذرة من قبل سلطات الاحتلال اليمني، ولم يقتصر حد تلك الحرب عند إيقاف الصحيفة بل جرى شن هجوم مسلح على مبنى الصحيفة في صنعاء وفي عدن وتدمير ممتلكات مؤسسة الأيام ومصادرة أعداد الصحيفة وشد الخناق على مراسليها وكل من ينتمي إليها ولا تزال المحاكمات جارية حتى اليوم لأسرة باشراحيل كما يجري اعتقال المناضل احمد عمر العبادي المرقشي حارس مبنى الأيام بصنعاء بعد توجيه تهمة كيدية له والحكم عليه بالإعدام، ولم تقم نقابة الصحافيين اليمنيين بأي دور تجاه صحيفة الأيام بل لقد كان جل ممثلي نقابة الاحتلال جزء من ذات الحرب التي تعرضت لها صحيفة الأيام.
وكانت الحرب الإعلامية ولا تزال الجزء الأكبر من الحرب التي يتعرض لها الجنوب وثورته السلمية، حيث عمل المحتل على تسخير إمكانات واسعة وكبيرة لإعلامه الذي وجهه ويوجهه لضرب ثورة الجنوب بتزوير حقيقة ما يعيشه شعب الجنوب لخداع الرأي العام الخارجي وتضليله، وفي ضل سياسة ممنهجة وخطيرة جرى تهميش صحافيي الجنوب وتغييبهم وحرمانهم من التأهيل والدورات المهنية وفرض واقع تجهيلي تجاههم في حين جرى أعداد إعلاميين من العربية اليمنية وتمكينهم من الحصول على المنح الدراسية الخارجية وإعدادهم بحسب متطلبات الإعلام الراهن وتقديمهم لوكالات الأنباء والقنوات الإخبارية والصحف العربية والعالمية كمراسلين لها، وحينها يجري تقديم المادة الصحافية بطريقة استخباراتية مفبركة لوسائل الإعلام تلك، وهو ما أدى إلى التعتيم  الإعلامي الذي عانى ويعاني منه الحراك السلمي الجنوبي إلى هذه اللحظة، هذا بالإضافة إلى احتكار وسائل الاتصالات والتحكم فيها وحجب المواقع المنتديات الجنوبية ورفع سعر التكلفة على خدمة الانترنت ومنعها على الكثير من مناطق ومدن الجنوب.
كما عمدت صنعاء إلى إنشاء إعلام معادي لمواجهة ثورة الجنوب التحررية تمثل إعلامها ذلك بالعديد من القنوات الفضائية التي تأتي قناة (سهيل) التابعة لحزب الإصلاح اليمني التكفيري بالمرتبة الأولى من حيث استهداف الجنوب ومحاولة تزوير حقائق ما يجري في الجنوب وفبركة وتزوير الأخبار وتشويه صورة الثورة الجنوبية، يضاف إليها قناتي اليمن، وعدن الرسميتين، وقنوات سبأ والعقيق والسعيدة والشبابية، التي تنهج بذات النهج العدائي للجنوب وثورته التحررية، يضاف إليها الكثير من المواقع الالكترونية والصحف الورقية، أبرزها صحيفة أخبار اليوم، الأهالي، الصحوة، الناس، والكثير من الصحف الأخرى التي تحمل تراخيص صحف مستقلة، لكنها عبارة عن صحف موجهة تستهدف ثورة الجنوب.
الإعلام الثوري الجنوبي
أن الإعلام الثوري في الجنوب لم يصل إلى المستوى المطلوب الذي يحقق ويساير على الأقل التقدم الذي وصلت إليه ثورة الجنوب التحررية، وذلك بسبب عدم وجود إعلام أكثر نضجاً برسائل واضحة، وعبارات منقحة، ومصادر محددة وأكثر موضوعية ومصداقية، وإذا بحثنا في الأسباب الحقيقية لضعف الإعلام الجنوبي فإننا نخلص إلى الآتي:
- عدم وجود وسيلة إعلامية ناطقة بشكل رسمي باسم الثورة الجنوبية ومتحدثة بلسان حال الثورة (صحيفة، قناة، موقع الكتروني، إذاعة).
- تعدد الوسائل الإعلامية مختلفة الاتجاهات والسياسات وتتخذ من أسماء الجنوب مجرد مسميات لا أكثر لكنها في حقيقة الأمر مجرد وسائل إعلامية أما:
أ- وسائل موجهة ضد الجنوب:
 مثل موقع (عدن آون لاين) التابع لحزب الإصلاح اليمني المتطرف في مضمونه والمستقل في شكله، وكذلك الحال بالنسبة لصحيفة (خليج عدن) التابعة لحزب الإصلاح – والتي فشلت وتوقف إصدارها- هذا بالإضافة إلى مواقع ( عدن بوست وشبوة نت، ولحج نيوز ومدار عدن وردفان نيوز) وغيرها الكثير من المواقع التي تحمل مجرد مسميات جنوبية وتوجه إعلامها المضاد تجاه ثورة الجنوب التحررية.
ب- وسائل إعلامية خاصة متنافسة:
مثل صحف ( الطريق، القضية، الجنوبية، عدن الغد، صوت الحرية) ومثل هذه الصحف تحمل أشكال جنوبية وتصدر في الجنوب وتعمل على نشر فعاليات الثورة الجنوبية لكنها لا تلتزم بمعايير النشر وفق ما تحتاجه ثورة الجنوب ولا تلتزم بأي سياسة إعلامية، وتتفاوت مثل هذه الصحف في تعاطيها الإعلامي مع واقع الحدث اليومي، إذ تشكل صحيفتي (عدن الغد) و (القضية) الشكل الأرقى من التعاطي الإعلامي مع الواقع عكس الصحف الأخرى التي تتناول الأخبار والمواد المنشورة فيها بشكل عشوائي ولا تهتم بالمصدر بقدر اهتمامها بالإثارة وتحقيق وهم السبق الصحفي بغض النظر عن الحقيقة من عدمها مثل ما تنتهجه صحيفة الجنوبية، والصحف المذكورة مجتمعة ومنها صحيفة الطريق بالتحديد غالباً ما تنشر مواد صحافية غير واقعية تحمل مسميات جنوبية ولا تمت لها بصلة، بل ويمكن أياً كان أن ينشر بيان أو تصريح وينسبه إلى مكون من مكونات الثورة الجنوبية، وفي ظل الاستنساخ الذي جرى للعديد من مكونات الحراك الجنوبي تجد صحف مثل الطريق والجنوبية وعدن الغد تنشر أكثر من بيان منسوب للكيانين في نفس المسمى وفي ذات العدد.
جـ- قناة عدن لايف:
في تاريخ 11 فبراير 2009م انطلقت قناة عدن لايف كأول قناة فضائية جنوبية ثورية وبثت موادها الإعلامية المتواضعة من العاصمة البريطانية لندن، جاء إنشاء القناة في ظروف عصيبة حيث يعيش الجنوب ولا يزال تحت الاحتلال اليمني، وبمجهود ذاتية شخصية من قبل بعض الناشطين انطلقت القناة حينها واستطاعت إن تشكل نقطة وصل بين أبناء الجنوب في الداخل والخارج، لكن شحة الإمكانات كان حائلاً بينها والتحديث لأدائها الفني والمهني، حاولت سلطات الاحتلال اليمني ولمرات عديدة إغلاق القناة من خلال التشويش عليها أو من خلال استخدام نفوذها عن طريق دفع أموال طائلة لجهات تقف وراء القمر الذي تبث من خلاله القناة في حين جرى العمل دبلوماسياً لتسويق إشاعات مغلوطة عن القناة التي حاولت سفارتي اليمن في كل من المملكة المتحدة والولايات وواشنطن خداع محامون أوكلت إليهم مهام رفع شكاوى ودعاوى قضائية ضد القمر المستضيف للقناة ليدخل الطرفان سفارة اليمن بواشنطن والشركة المستضيفة بصفقة عن طريق احد السماسرة التجار اليمنيين جرى الاتفاق فيها على إغلاق القناة مقابل مبلغ مالي كبير، وكان بداية بثها على القمر الأمريكي الانتلسات قبل إن تنتقل إلى اتلانتك بيرد  4حيث جرى إيقافها عن طريق نصر طه مصطفى ( رئيس وكالة سبأ اليمنية)الذي أرسلته السلطات اليمنية لشراء ترددات من القمر المستضيف ومن ضمنها تردد قناة عدن لايف واستخدام التردد لبث قناة يمانية، وجد القائمون على القناة صعوبة بالغة في استعادة بث القناة على قمر آخر بسبب عدم وجود المبلغ الكافي لدفع رسوم القمر المستضيف، لكن وبفضل الكثير من الوطنيين عاودت القناة بثها عل ى قمر آخر، ولم تكن قد وضعت حد للمعاناة، حتى جاء الرئيس علي سالم البيض الذي بدوره حاول إن يضع القناة نصب اهتمامه بالجانب الإعلامي، وبعد دراسة وبحث قامت به خبرات إعلامية جنوبية وعربية توصل الرئيس البيض إلى إمكانية تحقيق نقلة نوعية للقناة من خلال افتتاح مكتب إقليمي للقناة في العاصمة اللبنانية بيروت حيث تكون هناك إمكانية صقل القدرات والمواهب الإعلامية الشابة بالاستفادة من خبرات اللبنانيين في الإعلام العربي وكذلك الاستفادة من الحرية الإعلامية التي تتمتع بها دولة لبنان في المنطقة العربية، ومثل يوم 11 فبراير 2012م تاريخ رائع ونقلة مفصلية في تاريخ الإعلام الثوري الجنوبي بتدشين الافتتاح الرسمي للقناة في العاصمة اللبنانية بيروت على يد الرئيس البيض, لكن الاهتمام البالغ بالقناة والقبول الشعبي الواسع لها في الجنوب تضاءل مع مرور الأيام وأضحت القناة اليوم تفتقر إلى السياسة الإعلامية الثورية إذ يؤخذ عليها الكثير من الإخفاقات منها غياب الكادر الإعلامي المؤهل لإدارتها وتشغيلها، بالإضافة إلى جملة من الإخفاقات أدت إلى ظهور الأصوات المنددة بسياسة القناة التي يؤخذ عليها التواصل مع شخصيات لا علاقة لها بالتحليل الخبري أو السياسي وتغفل المحللين السياسيين من ذوي الخبرات السياسية والأكاديميين والمتخصصين في شتى المجالات هذا ناهيك على الاخفاقات الأخرى الناتجة من التعاطي مع الأحداث في الداخل.
كما يرجع ضعف الإعلام الجنوبي إلى وجود العديد من الأسباب الأخرى أهمها:
- عدم وجود مركز إعلامي جنوبي يخضع للثورة الجنوبية ويلتزم بسياستها وأدبياتها.
- غياب إستراتيجية إعلامية واضحة المعالم لدى مكونات الثورة الجنوبية.
- الضعف الواضح للسياسة الاتصالية لدى المكونات الثورية المؤمنة بالتحرير والاستقلال، مما فسح المجال بتوسع لوسائل الإعلام المعادية لتهميش انجازات الفعل الثوري والأداء الإيجابي لثورة الجنوب أمام الرأي العام.
- عدم الاستفادة من عدد كبير من الكوادر الإعلامية والأكاديمية التي يمكن أن تساهم في إنضاج رؤى معمقة ومدروسة بعناية للملف الإعلامي الثوري في الجنوب.
- عدم وجود الدعم المادي للإعلاميين الجنوبيين وعدم الاهتمام بهم كتدريبهم ومنحهم دورات وورش عمل وندوات تعمل على صقل مواهبهم وتوسيع مداركهم.
سبب غياب الصوت الجنوبي الحقيقي المتحدث باسم ثورة الجنوب والناطق بلسان حال شعب الجنوب في وسائل الإعلام الخارجية
نسلم بأن وسائل الإعلام الخليجية والى جانبها وسائل إعلام أجنبية مثل قناة BBC البريطانية والحرة وفرانس 24 تسير جميعها وفق سياسة إعلامية ممنهجة وموجهة تبعاً لسياسة ومواقف أنظمة الحكم الراعية لتلك الوسائل الإعلامية، وجميع تلك الوسائل الإعلامية موجهة ضد ثورة الجنوب وقضيته العادلة، ولا نستغرب عندما تستضيف تلك القنوات الإخبارية أو وسائل الإعلام الأخرى التابعة لدول الخليج الناخبي وتحرص على استضافته بصفة الأمين العام للمجلس الأعلى للحراك السلمي، وتمنحه صك الحديث نيابة عن الحراك الجنوبي، أو تأتي بشاب من صنعاء أو تعز للتحدث باسم الجنوب والثورة الجنوبية، لكن الأمر السيئ إلى حد بعيد ومخيف هو أن تتابع على شاشات بعض القنوات الإخبارية التي تعتبر محايدة وتلتزم بالمعقول من قواعد الأخلاق الصحفي المهني مثل قناة روسيا اليوم التي استضافت ذات يوم، عبد الكريم شايف نائب محافظ عدن "حزب المؤتمر" ووجهت له أسئلة تتعلق بموقف الحراك الجنوبي وموقف الجنوبيين من الحوار اليمني في حين كان يفترض بالقناة الاستماع لشايف باعتباره يمثل الصوت المعبر عن رأي ووجهة نظر السلطة اليمنية لا باعتباره يمثل ثورة الجنوب، وفي هكذا أمور تحصل من قنوات كـ روسيا اليوم أو الميادين أو العالم وغيرها من وسائل الإعلام التي يعهد عليها بالمصداقية في هذه الحالة يصعب علينا أن نكيل لها التهم أو حتى اللوم، لان السيد غسان بن جدو لم يكن يوماً من اللاهثين وراء المال على حساب سمعته وشرف مهنته وإلا لكان حرص على البقاء في قناة الجزيرة ولأغدقت عليه الدوحة بالأموال الطائلة، ولا مسئولي قناة روسيا اليوم سيخالفون توجه سياسة الحكومة الروسية التي لها موقفها المحايد من أحداث الشرق الأوسط وربما لها مواقف مشرفة في اغلب الأحيان، وهكذا الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام الأخرى المشهود لها بالمهنية كـ العالم والمنار وغيرهما..
ليبقى السؤال والذي يبحث عن إجابة منَّا نحن الجنوبيين هو لماذا تستضيف تلك القنوات غير المعنيين بثورة الجنوب للحديث عن أمور تهم الحراك الجنوبي وثورته؟؟

إشكالية المصطلحات الإعلامية التي قد تؤثـر على  الثورة الجنوبيــة:
في الوقت الذي أضحت فيه القضية الجنوبية تطرح نفسها بقوة على المشهد السياسي داخليا وخارجيا مستفيدة من الانتفاضة الشعبية السلمية المتواصلة في جنوب اليمن, إلا إننا نجد الكثير من المفاهيم الإعلامية المغلوطة تعتري الطرح وتناول القضية الجنوبية سواء من المحللين السياسيين ومراكز السياسة الخارجية أو حتى من قبل كيانات جنوبية, ومن المؤسف أن تتبع بعض وسائل الإعلام الجنوبية وسائل الإعلام المعادية في استخدام مصطلحات تنطوي على دلالات خطيرة، هذا فضلا عن الاضطراب الذي تعانيه وسائل الإعلام في هذا المجال، فهي لا تثبت على مصطلح معين، بل تستخدم أكثر من مصطلح للتعبير عن المدلول نفسه، وكثيرا ما تحمل هذه المصطلحات دلالات متناقضة، ومن هذه المفاهيم المغلوطة التي تظهر حين يجري تناول ما يدور في الجنوب من ثورة سلمية وذلك عندما يجري تحديد نقطة انطلاقها بزمن قصير أي منذ ست سنوات فقط, ليجري تجاهل وربما طمس ما قبلها من حركات وانتفاضات كانت أو مثلت جميعها النتاج الذي أدى إلى بروز الحراك السلمي الجنوبي بشكله التنظيمي والذي قام على إرهاصات ما قبله من انتفاضات وحالة غليان متصاعد شهده الشارع الجنوبي منذ ما بعد اجتياح الجنوب في العام 1994م، وإن كان لنا هنا تناول ما برز من بعد تلك الحرب إلا أنه ليس بالطرح السليم أن نعد مسألة ولادة القضية الجنوبية منذ ما بعد الحرب لأن القضية الجنوبية في شكلها ومضمونها الكاملين لا تتجزأ عن وجود وولادة الدولة الجنوبية ما قبل العام 1994م - إعلان الوحدة اليمنية- وعن اتفاقيات الوحدة في العام1994م وما تلتها من اتفاقيات وتعاطي سياسي خلفته أزمة ما بعد الوحدة وقبل حرب صيف 1994م, فالقضية الجنوبية أن جاز لنا التعبير هنا تكونت أساساً من قرارات الشرعية الدولية في العام1994م، وواقعة إعلان فك الارتباط مع الجمهورية العربية اليمنية وعززتها التزامات السلطة اليمنية أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن, فيما الانتفاضة الشعبية بدأت بالفعل عقب اجتياح عدن وظهرت العديد من الحركات السياسية الرافضة للوضع الذي تمحور أساساً في صورة فرض الوحدة بالقوة واجتياح الجنوب والسيطرة على ثرواته وتسريح موظفيه العسكريين والمدنيين ومطاردة السياسيين وحرمان أبناء الجنوب من كافة حقوقهم ومصادرة ممتلكاتهم وفرض سياسة المنتصر والمهزوم, فظهرت وفي أغسطس 1999م تم تأسيس اللجان الشعبية, وفي يوليو 2004 تم الإعلان عن تأسيس التجمع الديمقراطي الجنوبي في الخارج (تاج), وفي تاريخ 13 يناير 2006 تم الإعلان عن التصالح والتسامح والتضامن بين أبناء الجنوب في جمعية ردفان الاجتماعية الخيرية بالعاصمة عدن، وتشكيل ملتقيات التصالح والتسامح في محافظات الجنوب, وفي مارس 2007م, تم تأسيس جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين, والمتقاعدين الدبلوماسيين والشباب والطلاب, ومناضلي ثورة 14 أكتوبر, وفي يونيو 2007م تشكلت مجالس تنسيق الفعاليات السياسية و هيئات النضال السلمي في المحافظات الجنوبية، وفي أكتوبر 2008م تم الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستقلال الجنوب واستعادة دولته ثم تأسيس الهيئة الوطنية لاستقلال الجنوب وثم تأسيس الهيئة الوطنية للنضال السلمي، وفي مارس2009م تم تشكيل حركة النضال السلمي الجنوبي (نجاح).
واستمر أبناء الجنوب بالانتفاضة الشعبية السلمية التي رافقت رفض أبناء الجنوب لممارسات سلطة صنعاء تجاه الجنوب من عسكرة المدن والمناطق وقصف الأحياء السكنية وتدمير منازل المواطنين وقتل وسحل الناشطين الجنوبيين ومطاردة وتشريد أبناء الجنوب إلى أن ظهرت جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين وجمعيات العاطلين عن العمل في العام 2007م والتي جاءت كمنطلق لتنظيم الانتفاضة السلمية الجنوبية تحت مضلة الحراك السلمي الجنوبي، وهذا التسلسل الذي سلف ذكره هنا يؤكد على أن انتفاضة وثورة الشعب الجنوبي لم تكن وليدة  العام 2007م, وليست مثل ثورات الربيع العربي - المجهولة الهدف - التي جاءت بشكل مفاجئ بدأ من تونس وانتقلت إلى مصر ثم ليبيا ثم بقية البلدان الأخرى.
ومن أهم المفاهيم المغلوطة المرتبطة بالقضية الجنوبية أو الحراك الجنوبي تلك المصطلحات والمفاهيم المتكررة إعلامياً مثل مصطلح الانفصال، فالذي يجري في الجنوب لا ينطبق عليه مثل هكذا مصطلح, لأن الانفصال مصطلح لا ينطبق إلا على إقليم يتبع لدولة مثل جنوب السودان أو إقليم كوسوفو وغيرهما كأي إقليم أراد سكانه تقرير مصيرهم وسعوا للانفصال عن الدولة, أما ما يحدث في جنوب اليمن يمكن اعتباره مثل ما حدث لنهاية الوحدة (المصرية – السورية) لان جنوب اليمن باعتباره في الأساس دولة دخلت كطرف رئيسي مع (ج.ع.ي) بوحدة شراكة حقيقية في أساسها قبل أن يتنصل الطرف الأخر لعقد الشراكة ويتنكر لالتزاماته ما اجبر الطرف الأول على التراجع عن تلك الوحدة الكاذبة بإعلان فك الارتباط في مايو 1994م الذي كان نتاج لفشل مشروع الوحدة.
وتبقى هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة الأخرى التي أضحت متداولة على مستويات عربية وإقليمية ودولية في الشأن الجنوبي, فهناك على سبيل المثال نجد مراكز توثيق سياسية وعربية ودولية تختزن في محتواها تعريفات ومفاهيم خاطئة أو منتقصة على القضية الجنوبية, إذ ورد في الموسوعة الحرة"ويكيبيدياء" إن الحراك الجنوبي انخرط في صفوف الثورة اليمنية....وورد في الموسوعة الآتي: (مع اشتداد واتساع دائرة ثورة الشباب اليمنية التي عمت معظم المدن اليمنية مطلع عام 2011 م للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح وإسقاط النظام، أعلن الحراك على لسان أمينه العام عبد الله حسن الناخبي وقف مطالب الانفصال بشكل مؤقت، والانضمام إلى المظاهرات والاحتجاجات التي تعم البلاد والتي دعا لها الشباب اليمنيين ثم انضمت إليها المعارضة ممثلة في تكتل أحزاب اللقاء المشترك). ومثله الكثير من المحتويات العربية والأجنبية الأخرى التي تتناول ثورة وقضية الجنوب بصورة مغلوطة، وحتى في عقول الساسة العرب والأجانب, وهذه المفاهيم المغلوطة والخاطئة أعتبرها جاءت من ضعف الأعلام الجنوبي وغياب المركز الإعلامي الرسمي للثورة الجنوبية, ما أتاح أمام سلطة صنعاء ومن والاها... ترويج مثل هكذا مفاهيم مغلوطة عن ثورة الجنوب.
ومن المفاهيم المغلوطة أيضاً التي يتناولها الإعلام العربي اعتبار بعض المحافظات الشمالية أو المناطق الشمالية على أنها مناطق جنوبية مثل إدراج محافظة تعز على أنها واقعة في جنوب اليمن، أو مناطق مثل دمت وقعطبة وغيرها على أنها تابعة لجنوب اليمن بينما هي دون ذلك لأن الإعلام الجنوبي ربما أخفق في توصيل بعض الوقائع من أن مناطق شمالية جرى ضمها إلى محافظات جنوبية في تقسيم إداري مستحدث وجرى تسميتها بأسماء محافظات جنوبية لتحقيق أغراض سياسية من شأنها ضرب القضية الجنوبية.
ولا سيما أن لوسائل الإعلام دور خطير في تشكيل الرأي العام، وترسيخ القناعات لدي المتلقين.
أما المفاهيم المغلوطة والتي يقع الجنوبيين أنفسهم فيها عند تناول مسألة ظهور أصوات خارج هدف الحراك الجنوبي كالأصوات التي تتبنى مشاريع غير الاستقلال وعند تناولها تعتبرها أطراف متساوية مع الكيانات المتبنية لمشروع الاستقلال وهذا بحد ذاته تسويق لتيارات وهمية في الجنوب بهدف خداع الرأي العام على إن في الجنوب هناك يوجد ثقل ما لجهات باتت تتبنى مشاريع غير الاستقلال وهذا يحدث في الوقت الراهن لكن الشارع الجنوبي أقوى رد وخير دليل على بطلان هذا الترويج، كما إن قادمات الأيام في الجنوب ستكون شاهد قوي على ماهية رغبات ومطالب شعب الجنوب.
من اجل إعلام ثوري ناجح قادر على مواكبة المتغيرات الراهنة والمستقبلية:
من اجل بناء إعلام ثوري ناجح قادر على مواكبة المتغيرات والأحداث الراهنة والمستقبلية لابد أن يؤمن القائمين على المكونات الثورية الجنوبية بان الإعلام هو نصف المعركة وان الحرب اليوم هي حرب إعلامية بالدرجة الأولى وانه لكي تتقدم ثورة الجنوب لابد من وجود إعلام ناجح يواكب الفعل الثوري في الجنوب ويعمل على خدمة الثورة وخلق رأي عام واسع مؤيد للثورة وداعم لها، وقبل كل هذا لابد من تحصين الثورة من الشائعات ولابد للثورة من رافد معنوي يأتي من خلال وجود إعلام ناجح يمنح الثورة صورة ناصعة للبياض ويخلق حاضنة شعبية للثورة في الداخل كما يصنع لها رأي عام في الخارج، ولكي نرتقي بالإعلام الثوري الجنوبي لابد من إنشاء مركز إعلامي جنوبي متخصص يقوم بالدور الإعلامي المطلوب للثورة الجنوبية ويمضي وفق إستراتيجية إعلامية قائمة تنبع من سياسة حصيفة تواكب جميع المتغيرات والأحداث والمستجدات، وتتناسب والمحيطين الداخلي والخارجي، هذه الإستراتيجية الإعلامية الممنهجة ترسمها وتقوم عليها عدد من اللجان والهيئات المقتدرة والمتمكنة ويجب أن يتألف المركز الإعلامي من:
- هيئة سياسية
- فريق متابعة ورصد الأحداث والأخبار
- فريق التواصل
- فريق التحرير
- غرفة عمليات
- مستلزمات إعلامية متكاملة ومتطورة
ويجب أن يمثل هذه الهيئات والفرق التابعة للمركز الإعلامي أشخاص متخصصون يمتلكون الخبرة الكافية ويتمتعون بقدرات فائقة كل في مجال تخصصه وفي المهمة الموكلة إليه، إذ يتفرغ جميعهم للعمل الموكل إليهم ويقوم الجميع برسم وصياغة السياسة الإعلامية والإستراتيجية الممنهجة لثورة الجنوب من اجل خدمة الفعل الثوري بالوصول للهدف وهو التحرير الكامل للجنوب المحتل وفضح أدوات الاحتلال ومرجعياته الخبيثة, وتطويق الإعلام المضاد وبأفضل وأنجع التكتيكات المتنوعة لتحقيق إستراتيجية التحرير.
ويعمل أعضاء هيئات وفرق المركز الإعلامي على الاتصال المباشر مع بعضهم وعقد اللقاءات لمناقشة وتدارس المستجدات والأحداث الطارئة لوضع التحليل الدقيق لمجريات الأحداث ودراسة الأبعاد المترتبة على الأحداث واستخلاص النتيجة التي يجب أن يوجهون بها الحدث إعلامياً.
يجب أن يؤمن القائمين على المركز الإعلامي أن تحديد الأهداف خطوة أولى في الطريق الصحيح عند التوجه للقيام بأي عمل، كبيرا كان أم صغيرا، ومن هذا المنطلق، يجب أن توضع أهداف عامة عريضة للمركز الإعلامي، ويجب كذلك، أن تتم متابعة الالتزام بتحقيق هذه الأهداف والعمل على تطويرها باستمرار.
ويصدر المركز الإعلامي صحيفة ورقية والكترونية وقناة فضائية ووسائل إعلامية أخرى تتحدث عن الثورة الجنوبية وناطقة باسم الثورة حيث يمكن الرجوع إليها واعتمادها كمصدر رسمي للثورة ومرجع للمتابعين والمهتمين بشان الثورة الجنوبية.